كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



تَنْبِيهٌ:
مِثْلُ إعَارَةِ الْحِرْزِ مَا لَوْ أَعَارَ رَقِيقًا لِحِفْظِ مَالٍ أَوْ رَعْيِ غَنْمٍ ثُمَّ سَرَقَ مَا يَحْفَظُهُ رَقِيقُهُ مُغْنِي وَأَسْنَى وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا رَجَعَ نِهَايَةٌ وَأَسْنَى فَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا بَلْ لَابُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَرَجَعْتُ فِي الْعَارِيَّةِ أَوْ فَسَخْتهَا ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي حُرْمَةِ الدُّخُولِ قَبْلَ الرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَرَرٌ بِدُخُولِهِ كَمَا ارْتَضَى بِهَذَا الْإِطْلَاقِ م ر حِين بَحَثْت مَعَهُ فِيهِ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ إذْ لَا شُبْهَةَ أَيْضًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا رَجَعَ وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَلْزَمُ وَلَهُ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْعَارِيَّةِ الْجَائِزَةِ أَمَّا الْإِعَارَةُ اللَّازِمَةُ فَيُقْطَعُ فِيهَا قَطْعًا كَالْمُؤَجِّرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ) فِيهِ شَيْءٌ سم أَيْ: أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ اسْتِحْقَاقُ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَلَا مَحْذُورَ. اهـ. سَيِّدْ عُمَرْ.
(قَوْلُهُ لَوْ رَجَعَ) أَيْ: الْمُعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ بِالْقَوْلِ مُغْنِي وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَعْمَلَهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ تَعَدِّيًا) قَالَ سم كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا لَوْ أَحْدَثَ شُغْلًا جَدِيدًا بِأَنْ أَحْدَثَ وَضْعَ أَمْتِعَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُصْحِبَ مَا كَانَ فَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ. اهـ. وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُطَالِبْ الْمَالِكُ بِالتَّفْرِيغِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ هُوَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ قَوْلُهُ تَعَدِّيًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي بَعْدَ التَّمَكُّنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَطُرَّةُ) أَيْ: قَطْعُ الْمُعِيرِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ: بِالْوَطَرِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ نَقْبَ الْجِدَارِ) أَيْ: نَقَبَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ وَأَخَذَ مَا فِي دَاخِلِهِ.
(وَلَوْ غَصَبَ حِرْزًا لَمْ يُقْطَعْ مَالِكُهُ) بِسَرِقَةِ مَا أَحْرَزَهُ الْغَاصِبُ فِيهِ لِخَبَرِ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَكَالْغَاصِبِ هُنَا مَنْ وَضَعَ مَالَهُ بِحِرْزِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْحَنَّاطِيِّ وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّ الْحِرْزَ يَرْجِعُ إلَى صَوْنِ الْمَتَاعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا مَمْنُوعٌ بَلْ لَابُدَّ فِي ذَلِكَ الصَّوْنِ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ (وَكَذَا) لَا يُقْطَعُ (أَجْنَبِيٌّ) بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَاصِبِ مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِحْرَازَ مِنْ الْمَنَافِعِ وَالْغَاصِبُ لَا يَسْتَحِقُّهَا (وَلَوْ غَصَبَ) أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ (مَالًا) وَلَوْ فَلْسًا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ) أَوْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ فَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْمُتَمَيِّزِ عَنْ مَالِهِ وَالْمَخْلُوطِ بِهِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَطْعُ دَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينِهِ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِحَقٍّ وَالدَّائِنُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ أَوْ نِيَّتِهِ الْأَخْذَ لِلِاسْتِيفَاءِ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْ ثَمَّ قُطِعَ رَاهِنٌ وَمُؤَجِّرٌ وَمُعِيرٌ وَمُودِعٌ وَمَالِكٌ مَالَ قِرَاضٍ بِسَرِقَتِهِ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ نِصَابًا آخَرَ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ أَيْ أَوْ اخْتَلَفَ حِرْزُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ فَقَوْلُهُمْ لَا يُقْطَعُ مُشْتَرٍ وَفَّرَ الثَّمَنَ بِأَخْذِ نِصَابٍ مَعَ الْمَبِيعِ مَحَلُّهُ إنْ دَخَلَ لَا لِسَرِقَتِهِ وَقَدْ اتَّحَدَ حِرْزُهُمَا (أَوْ) سَرَقَ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْهُ الْمَالَ (الْمَغْصُوبَ) أَوْ الْمَسْرُوقَ (فَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ أَخَذَهُ لَا بِنِيَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِإِحْرَازِهِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا تَعَدَّى بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ كَالْمَبِيعِ فَاسِدًا لَيْسَ كَالْمَغْصُوبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَالِكَ هَذَا لَا يُقَالُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِإِحْرَازِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ فِي الضَّمَانِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَوْ نِيَّتِهِ الْأَخْذَ لِلِاسْتِيفَاءِ) أَيْ بِشَرْطِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بِشَرْطِهِ.
(قَوْلُهُ لِعِرْقِ ظَالِمٍ) يُرْوَى بِالْإِضَافَةِ وَتَرْكِهَا وَوَجْهُ الْإِضَافَةِ ظَاهِرٌ وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّنْوِينِ أَنَّهُ مِنْ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ وَالْأَصْلُ لِعِرْقِ ظَالِمٍ صَاحِبُهُ فَحَوَّلَ الْإِسْنَادَ عَنْ الْمُضَافِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ كَمَا فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ) ضَرَبَ عَلَى الْوَاوِ فِي أَصْلِ الشَّرْحِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سَيِّدْ عُمَرْ أَيْ: وَمُفَادُ ثُبُوتِ الْوَاوِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ الْوَضْعَ وَرَضِيَ بِهِ وَمُفَادُ سُقُوطِهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْقَطْعِ عِلْمُ الْوَاضِعِ رِضَا الْمَالِكِ بِالْوَضْعِ لَوْ عَلِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْفِعْلِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا وَضَعَهُ بِعِلْمِ الْمُسْتَحِقِّ وَرِضَاهُ قُطِعَ مَالِكُ الْحِرْزِ إذَا سَرَقَ مِنْهُ وَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إنَّمَا وَضَعَ بِرِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ بِإِجَارَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَنَدَ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمُؤَجَّرِ إلَى عَقْدٍ فَاسِدٍ وَهُوَ لِفَسَادِهِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَأُلْغِيَ مَا تَضْمَنَّهُ مِنْ الرِّضَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهُ بِرِضَاهُ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الْعَارِيَّةَ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِلْقَطْعِ. اهـ. ع ش وَيَأْتِي فِي شَرْحٍ أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْمَغْصُوبُ إلَخْ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يُقْطَعُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِي فِي الْمُغْنِي إلَّا مَسْأَلَةَ الِاخْتِصَاصِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ فَلَسًا إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ) وَالْمُرَادُ بِالْمَالِكِ مَا يَشْمَلُ صَاحِبَ الِاخْتِصَاصِ عَلَى طَرِيقِ التَّغْلِيبِ.
(قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ فَلْيُرَاجَعْ قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَلَا يُنَافِي هَذَا إلَخْ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ هُنَا مُطْلَقًا وَقَدْ يُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمَا فَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ أَخْذُهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ: عَدَمُ قَطْعِ صَاحِبِ الْمَالِ بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَاصِبِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَرْطًا فِيمَا مَرَّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّ شَرْطَهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إنْ حَلَّ وَجَحَدَ الْغَرِيمُ أَوْ مَاطَلَ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ نِيَّةُ الْأَخْذِ) عُطِفَ عَلَى مُطَالَبَتِهِ.
(قَوْلُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ) أَيْ: بِشَرْطِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قِيلَ بِشَرْطِهِ سم. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: لِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُحْرَزِ بِحَقٍّ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ أَخْذًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَيْ: أَوْ اخْتَلَفَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ حِرْزًا فِيهِ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْحِرْزِ وَسَرَقَ مَالًا يَخْتَصُّ بِشَرِيكِهِ قُطِعَ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْمَغْصُوبَ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ سَرَقَ الْأَجْنَبِيُّ غَيْرَ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لَا بِنِيَّةِ الرَّدِّ إلَخْ) أَيْ بَلْ بِنِيَّةِ السَّرِقَةِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) قَدْ يُنَافِيه مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ مِنْ اعْتِبَارِ الصِّحَّةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ.
(وَ) الرُّكْنُ الثَّانِي السَّرِقَةُ وَمَرَّ أَنَّهَا أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ فَحِينَئِذٍ (لَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) أَوْ عَارِيَّةٍ مَثَلًا لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ وَالْأَوَّلَانِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ عِيَانًا وَأَوَّلُهُمَا يَتَعَمَّدُ الْهَرَبَ وَثَانِيهِمَا الْقُوَّةَ فَيَسْهُلُ دَفْعُهُمَا بِنَحْوِ السُّلْطَانِ بِخِلَافِ السَّارِقِ لَا يَتَأَتَّى مَنْعُهُ فَقُطِعَ زَجْرًا لَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ: «الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَقَطَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَالْقَطْعُ فِيهِ لَيْسَ لِلْجَحْدِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّهَا عُرِفَتْ بِهِ، بَلْ لِسَرِقَةٍ كَمَا بَيَّنَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ بَلْ فِي الصَّحِيحَيْنِ التَّصْرِيحُ بِهِ وَهُوَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُهَا لَمَّا سَرَقَتْ قِيلَ تَفْسِيرُ الْمُنْتَهِبِ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ فَلَابُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُخْرِجُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لَهُ شُرُوطٌ يَتَمَيَّزُ بِهَا كَمَا يَأْتِي فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ (وَلَوْ نَقَبَ) فِي لَيْلَةٍ (وَعَادَ فِي) لَيْلَةٍ (أُخْرَى فَسَرَقَ) مِنْ ذَلِكَ النَّقْبِ (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ نَقَبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَسَرَقَ آخِرَهُ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ أَوْ سَرَقَ عَقِبَ النَّقْبِ فَيُقْطَعُ قَطْعًا (قُلْت هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ النَّقْبَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَهَرَ لَهُمْ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا) وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ وَفَارَقَ إخْرَاجُ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ دُفْعَتَيْنِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَمِّمٌ لِأَخْذِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي هَتَكَ بِهِ الْحِرْزَ فَوَقَعَ الْأَخْذُ الثَّانِي تَابِعًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ مَتْبُوعِهِ إلَّا قَاطِعٌ قَوِيٌّ وَهُوَ الْعِلْمُ وَالْإِعَادَةُ السَّابِقَانِ دُونَ أَحَدِهِمَا وَدُونَ مُجَرَّدِ الظُّهُورِ لِأَنَّهُ يُؤَكِّدُ الْهَتْكَ الْوَاقِعَ فَلَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لَهُ وَهُنَا مُبْتَدِئٌ سَرِقَةً مُسْتَقِلَّةً لَمْ يَسْبِقْهَا هَتْكُ الْحِرْزِ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَكِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ مَقْصُودَيْنِ لَا تَبَعِيَّةَ بَيْنَهُمَا، نَقْبٌ سَابِقٌ وَإِخْرَاجٌ لَاحِقٌ وَإِنَّمَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا وَإِنْ ضَعُفَ فَكَفَى تَخَلُّلُ عِلْمِ الْمَالِكِ أَوْ الظُّهُورُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ الْفَرْقَ بِمُجَرَّدِ أَنَّهُ ثَمَّ مُتَمِّمٌ وَهُنَا مُبْتَدِئٌ فَرْقٌ صُورِيٌّ لَوْلَا مَا انْطَوَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ الَّذِي قَرَّرْتُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَهُوَ غَلَطٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ قِيلَ تَفْسِيرُ الْمُنْتَهِبِ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ مُقَيَّدٌ بِمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَلَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ هُنَا لِأَنَّ الْغَرَضَ تَمْيِيزُهُ عَنْ مَصْحُوبَيْهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ تَمْيِيزَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ لَا يَمْنَعُ الشُّمُولَ إذْ غَايَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ وَالْأَخَصُّ مَشْمُولٌ لِلْأَعَمِّ قَطْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ مُطْلَقِ الْجِسْمِ مَعَ شُمُولِ تَفْسِيرِ مُطْلَقِ الْجِسْمِ لَهُ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ، فَالْأُولَى جَوَابُنَا يُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَالرُّكْنُ الثَّانِي) اُنْظُرْ مَا الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاعْلَمْ أَنَّ السَّرِقَةَ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ وَمَرَّ أَنَّهَا) إلَى قَوْلِهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَخْزُومِيَّةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَثَلًا وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إلَى أَوْ كَانَ.
(قَوْلُهُ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَقُطِعَ زَجْرًا لَهُ) كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّ هَذَا حُكْمٌ عَلَى الْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَالْجَاحِدُ لَا يَقْصِدُ الْأَخْذَ عِنْدَ جُحُودِهِ عِيَانًا فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ بِسُلْطَانٍ وَلَا غَيْرِهِ. اهـ. مُغْنِي وَقَدْ يُقَالُ الْجَاحِدُ يُمْكِنُ الْمَالِكُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ فَإِذَا جَحَدَ تَخَلَّصَ مِنْهُ بِنَحْوِ السُّلْطَانِ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ السَّارِقِ فَإِنَّهُ لَا حِيلَةَ فِيهِ. اهـ. سَيِّدْ عُمَرْ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ) أَيْ: جَحْدَ الْمَتَاعِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ) أَيْ: مَعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ مُقَيَّدٌ بِمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَلَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَمْيِيزُهُ عَنْ مَصْحُوبَيْهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَمْيِيزَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ لَا يَمْنَعُ الشُّمُولَ إذْ غَايَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ وَالْأَخَصُّ مَشْمُولُ الْأَعَمِّ قَطْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ مُطْلَقِ الْجِسْمِ مَعَ شُمُولِ تَفْسِيرِ مُطْلَقِ الْجِسْمِ لَهُ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْأَوْلَى جَوَابُنَا سم وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ عَيْنَ جَوَابِ الْمُحَشِّي الَّذِي صَرَّحَ بِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُنْتَهِبِ مَنْ يَأْخُذُ عِيَانًا وَيَعْتَمِدُ الْهَرَبَ وَلَا يَكُونُ قَاطِعًا لِلطَّرِيقِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَلَمْ يَشْمَلْهُ إلَخْ فَإِنَّهُ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى هَذِهِ الْإِرَادَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعِبَارَةِ إجْمَالٌ. اهـ. سَيِّدْ عُمَرْ.